في ظل الفراغ القانوني المستمر في سوريا، ومع تزايد انقطاع عمل المؤسسات القضائية التقليدية، برزت ظاهرة تشكيل “لجان قضاء بديل” في العديد من مناطق العاصمة دمشق، وهذه اللجان، التي يتم تأسيسها في المساجد وتضم مجموعة من الشيوخ والمحامين، تهدف إلى حل الخلافات والنزاعات بين المواطنين، خاصة تلك المتعلقة بالمنازعات العقارية.
تشهد أحياء مثل كفرسوسة، ركن الدين، وعرطوز ظهور هذه اللجان التي تحاول ملء الفراغ الناجم عن غياب السلطات القضائية الرسمية، وفي كفرسوسة، على سبيل المثال، أعلن المسجد الكبير عن تشكيل لجنة لحل النزاعات العقارية، وهو ما أثار قلقًا لدى بعض المحامين الذين اعتبروا هذه الإجراءات خداعًا للمواطنين.
القائمون على هذه اللجان يدافعون عن عملهم قائلين إنه يقتصر على “التوفيق والمصالحة” بين الأطراف المتنازعة دون أن يكون له سلطة قضائية ملزمة، وفي تصريحات لمحمود عرابي، منسق لجنة فض النزاعات في كفرسوسة، أكد أن عمل اللجان لا يهدف إلى استبدال القضاء، بل إلى تحقيق الصلح بين المواطنين.
على الرغم من هذه التصريحات، إلا أن المحامين والخبراء القانونيين يرون أن غياب السلطة القضائية الفعالة يشكل تهديدًا حقيقيًا لبنية الدولة القانونية، والمحامي عارف الشعال وصف هذه اللجان بأنها “ظاهرة تدليس” قد تضلل المواطنين الذين قد يعتقدون أن قراراتها ملزمة، في حين أن هذه اللجان تفتقر إلى الصفة الرسمية ولا تتمتع بأي قوة تنفيذية.
ورغم الانتقادات، يرى بعض الناشطين في المجتمع المدني مثل بسام القاضي أن هذه المبادرات، رغم افتقارها للتنظيم القانوني، قد تكون حلاً مؤقتًا مفيدًا لحل النزاعات بين المواطنين في ظل تعطل النظام القضائي، ويشدد القاضي على ضرورة التعامل بحذر مع هذه اللجان، خاصة في قضايا مثل المنازعات العقارية، مطالبًا بضرورة تنظيم هذه اللجان وترخيصها من قبل وزارة العدل لضمان عدم ضياع الحقوق.