في قلب صحاري المملكة العربية السعودية الشاسعة، حيث تمتد الكثبان الرملية الذهبية وتتراقص السراب، يعيش كائن ليلي فريد، إنه البوم الأبيض، أو كما يُعرف علمياً باسم Tyto alba، هذا الطائر الجارح ليس مجرد رمز للجمال والغموض، بل هو حارس أمين للبيئة، وصديق للفلاحين في كفاحهم ضد الآفات التي تهدد محاصيلهم.
يتميز البوم الأبيض بقدرته الفائقة على التكيف مع البيئات القاسية، فهو يعيش في المناطق المكشوفة وشبه الصحراوية، بالإضافة إلى القرى القريبة من المحاصيل الزراعية، يُعد هذا الطائر جزءاً مهماً من التنوع البيولوجي في المملكة، حيث يلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على التوازن البيئي، يبلغ متوسط طول البوم الأبيض ما بين 29 إلى 44 سنتيمتراً، ويصل وزنه إلى حوالي 500 جرام.
يتميز بريشه الأبيض الناصع الذي يغطيه بالكامل، وعيونه الداكنة التي تمنحه مظهراً جذاباً، كما يتميز هذا الطائر بقدرته الفائقة على الطيران في الظلام، وذلك بفضل حاسة السمع القوية التي تساعده على تحديد موقع الفريسة بدقة.
يتكاثر البوم الأبيض في فصل الربيع، حيث يقوم ببناء عشه في الأماكن المرتفعة، مثل الأشجار والمباني المهجورة، تضع الأنثى عادة ما بين 4 إلى 6 بيضات في العش، وتستمر فترة حضانة البيض من 29 إلى 34 يوماً، وبعد فقس البيض، يقوم الوالدان برعاية الصغار وتزويدهم بالغذاء حتى يصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم.
يلعب البوم الأبيض دوراً هاماً في الحفاظ على التوازن البيئي، حيث يتغذى على القوارض والحشرات الضارة التي تهدد المحاصيل الزراعية، وبذلك، يُساهم هذا الطائر في حماية المحاصيل وتقليل الخسائر التي يتسبب بها الآفات، كما يُعتبر البوم الأبيض جزءاً من السلسلة الغذائية في البيئات الطبيعية، حيث يُساهم في تنظيم أعداد الفرائس والحفاظ على التنوع البيولوجي.
يبذل المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية جهوداً كبيرة لمراقبة وحماية البوم الأبيض في المملكة العربية السعودية، يقوم المركز بإجراء دراسات ميدانية لتحديد أعداد هذا الطائر وتوزيعها في مختلف المناطق، كما يعمل على توعية الجمهور بأهمية البوم الأبيض ودوره في البيئة، ويتعاون المركز مع الجهات المعنية لحماية البيئات الطبيعية التي يعيش فيها البوم الأبيض، وضمان استمرارية هذا النوع في المملكة.
