في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، انعقدت ندوة بعنوان “الفتوى والدراما” تحت إشراف دار الإفتاء المصرية، والتي لاقت حضورًا كبيرًا وتفاعلًا لافتًا من الجمهور، وتناولت الندوة العلاقة بين الدين والفن، وكيفية تأثير الدراما في تكوين الوعي المجتمعي ونقل القيم الأخلاقية.
ناقش الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، العلاقة بين الفتوى والدراما، مؤكدًا أن هذه العلاقة ليست علاقة تضاد بل تكامل، إذ يتعين العمل على تطوير الفهم الديني ليتماشى مع التطور الفني.
وأشار إلى أن التراث الإسلامي يحتوي على العديد من القصص التاريخية التي تحمل معاني أخلاقية عميقة، مثل قصص “عنترة بن شداد” و”الظاهر بيبرس”، التي يمكن أن تكون مصدر إلهام لبناء الوعي المجتمعي اليوم.
كما تحدث عن تطور وسائل الدراما، حيث أشار إلى أن الفكر الغربي غالبًا ما يبدأ من الرواية، لينتقل بعدها إلى السينما والصحافة، وصولًا إلى السياسة، وعلى الجانب الآخر، كان الفن الشعبي الشرقي يعتمد على الحكايات التي تنقل في المقاهي والأسواق، ما يعكس تطور الفكر عبر الزمن.
كما تطرق إلى قضية تمثيل الأنبياء، موضحًا أن الفتوى الشرعية تحرم ذلك بسبب الطابع الروحي الخاص لهذه الشخصيات، مما يبرز الحاجة إلى الحفاظ على التوازن بين الفتوى والفن.
وفيما يتعلق بتقديم القيم الأخلاقية في الدراما، تحدث جمعة عن الجدل بين تصوير الواقع كما هو أو تقديم صورة مثالية، وأكد على ضرورة أن تقدم الدراما محتوى يرتقي بالذوق العام ويعزز القيم الإنسانية.
من جانب آخر، تناول الفنان محمد صبحي دور الفن في نقل الرسائل الإيجابية، وأوضح أن الدراما يجب أن تُستخدم كأداة لنقل القيم الأخلاقية دون التأثير سلبًا على المبادئ الدينية، وأشار إلى تجربته في مسلسل “ونيس”، الذي قدم نماذج للأخطاء البشرية وكيفية تصحيحها، مؤكداً أهمية توجيه الدراما نحو تأثير إيجابي مع الحفاظ على حرية الإبداع.
في ختام الندوة، أكد مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام، على أهمية التعاون بين علماء الدين والفنانين لضمان تقديم محتوى فني يساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا، وشدد على ضرورة مواجهة التحديات التي تهدد الهوية الثقافية والدينية للمجتمع، ودعا إلى تعزيز هذا التعاون لضمان تقديم رسائل إيجابية تحترم القيم الأخلاقية وتساهم في بناء وعي مجتمعي سليم.