في الثالث من ديسمبر 2020، فقدت الساحة الفنية أحد أعمدتها الكبيرة، الفنان صلاح قابيل، الذي رحل عن عالمنا بعد مسيرة فنية حافلة قدم خلالها العديد من الأدوار المميزة التي جعلت اسمه يتردد في أذهان الجمهور.
برع قابيل في تقديم أدوار متنوعة، حيث جسّد شخصية الفلاح، المعلم، الضابط، رجل الأعمال، المجرم، الطيب والشرير، بل وأجاد تقديم الشخصية المعقدة بكل صدق وإبداع، ما جعل حضوره قويًا في السينما والمسرح والتلفزيون، ورغم شائعات عديدة لم تطل سمعته الطيبة في حياته، إلا أن وفاته كانت قد ألهمت بعض القصص التي ارتبطت باسمه بعد رحيله، مثل شائعة دفنه حيًّا وزواجه من فنانة شهيرة.
وُلد صلاح قابيل في 27 يونيو 1931 في قرية بمركز إجا بمحافظة الدقهلية، وعلى الرغم من دراسته في كلية الحقوق، إلا أن شغفه بالتمثيل دفعه للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تخرج منه ليبدأ مشواره الفني الذي امتد لعقود، ورغم بداياته المتواضعة، فقد استطاع أن يثبت نفسه بين كبار النجوم، وأن يصبح واحدًا من الوجوه الأكثر تميزًا في السينما والتلفزيون.
وانطلقت مسيرة صلاح قابيل السينمائية في أوائل الستينات، حيث شارك في أفلام هامة مثل “زقاق المدق” و”بين القصرين”، وتوالت مشاركاته الناجحة في العديد من الأفلام التي تركت بصماتها في ذاكرة السينما المصرية، منها “البريء”، “العصفور”، و”أغنية على الممر”، لم يقتصر عمله على السينما فحسب، بل كان له حضور مميز على المسرح والتلفزيون، حيث شارك في عدد كبير من المسلسلات الناجحة مثل “الحب الكبير”، و”القاهرة والناس”.
تزوج صلاح قابيل في عام 1961 من زوجته التي كانت جارة له في منطقة طرة بالقاهرة، قبل أن يصل إلى الشهرة، ومن هذا الزواج، أنجب صلاح قابيل أربعة أبناء، كان هو أصغرهم، وعاش مع زوجته حياة عائلية مستقرة، حيث كانت زوجته تعمل كمدرسة قبل أن تتفرغ لتربية أبنائها.
صلاح قابيل ليس مجرد ممثل عادي؛ فهو واحد من الأسماء التي ساهمت في تشكيل السينما المصرية المعاصرة، فقد شارك في خمسة أفلام تم اختيارها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وفقًا لاستفتاء النقاد في عام 1996، ومن بين هذه الأفلام “بين القصرين”، “الجبل”، “البريء”، “العصفور”، و”أغنية على الممر”.
أدى صلاح قابيل أدوارًا متنوعة للغاية، من الشخصيات الطيبة إلى الشريرة، وتنوعت أدواره بين الطابع الشعبي والفني الرفيع، حيث كانت كل شخصية يتقمصها تُظهر قدرته الفائقة على التأثير في المتلقي، وكانت أفلامه تتناول قضايا اجتماعية وفكرية عميقة، ما جعله واحدًا من أبرز ممثلي جيله.
وبفضل موهبته الكبيرة وحضوره المميز، ظل صلاح قابيل مصدر إلهام للكثير من الممثلين الشباب، الذين اعتبروا أن تجربة الرجل الذي بدأ من لا شيء وأصبح نجمًا عظيمًا تشكل نموذجًا في التفاني والإبداع، وها هو اليوم رغم غيابه، يظل حاضرًا في أذهان الجمهور من خلال الأعمال التي تركها.