رغم الزخم الكبير الذي تشهده الدراما العربية سنويًا في موسم رمضان، إلا أن مسلسلات التسعينيات لا تزال محفورة في ذاكرة الجمهور، إذ نجحت في تقديم قصص ذات بعد إنساني واجتماعي عميق، بعيدًا عن هيمنة النجم الواحد أو قيود الإنتاج الاحتكاري التي أصبحت سائدة في العصر الحالي.
تميزت تلك الفترة الدرامية بتقديم أعمال ذات بطولة جماعية، حيث كانت القصة المحرك الأساسي للأحداث، بينما كانت الشخصيات تُبنى بعناية لتعكس نبض الشارع العربي ومشكلاته، كما كانت مقدمات المسلسلات (التترات) جزءًا أساسيًا من هويتها، مما جعلها تترسخ في وجدان المشاهدين.
من بين الأعمال التي لم تفقد بريقها رغم مرور السنوات، يأتي مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي”، الذي جسد رحلة رجل عصامي بدأ من الصفر ليصل إلى الثراء، مع استعراض تأثير هذه المسيرة على أسرته، أما مسلسل “حديث الصباح والمساء”، فكان بمثابة مرآة تعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية عبر أجيال متعددة، مستندًا إلى رواية الأديب نجيب محفوظ.
وبالحديث عن الملاحم الدرامية، يبرز مسلسل “ليالي الحلمية”، الذي استعرض التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع المصري على مدار عقود، وعلى النهج ذاته، جاء “أرابيسك”، الذي تناول الحارة المصرية بحس درامي ثري، مجسدًا صراع المهنة التقليدية مع التغيرات العصرية.
أما على صعيد الدراما العائلية، فقدمت التسعينيات أعمالًا تركت بصمة واضحة، مثل “ساكن قصادي”، الذي جسد بأسلوب كوميدي الخلافات والتفاهمات بين جيلين يعيشان في بناية واحدة، و”عائلة شلش”، الذي سلط الضوء على صدام الأجيال داخل الأسرة الواحدة.
لم تغب القضايا السياسية والاجتماعية عن دراما تلك الحقبة، فقد تناول مسلسل “العائلة” تأثير الإرهاب والتغيرات السياسية على المجتمع، بينما استعرض “الوتد” سيطرة التقاليد على حياة الأسر الصعيدية، وتأثيرها على القرارات المصيرية لأفرادها.