يشهد المشهد السياسي في الأردن حراكاً واسعاً بعد تقديم أعضاء في البرلمان مشروع قانون يمنع تهجير الفلسطينيين إلى المملكة، في خطوة تعكس استجابة سريعة للضغوط المتزايدة، خصوصاً بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي دعا فيها إلى نقل سكان قطاع غزة عقب فرض الولايات المتحدة سيطرتها عليه وفق رؤيته.
ويأتي هذا المشروع في توقيت حساس، قبل يومين فقط من اللقاء المرتقب بين العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الأمريكي في البيت الأبيض، مما يضفي عليه بعداً استراتيجياً مهماً.
حظي مشروع القانون بتأييد واسع، حيث وقع عليه 50 نائباً، معبرين عن دعمهم لموقف الأردن الرافض لأي محاولات لإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، ويرى النواب الداعمون أن هذه الخطوة ليست مجرد إجراء قانوني، بل تُشكل درعاً تشريعياً يعزز الموقف الرسمي والشعبي الرافض لأي مخططات تهدف إلى إعادة تشكيل التركيبة السكانية في الأردن.
النائب هايل عياش، أحد الموقعين على المذكرة، أوضح أن رئيس مجلس النواب أحال المشروع إلى اللجنة القانونية لدراسته، معتبراً أن هذا التحرك يعكس وحدة الموقف بين القيادة الأردنية والشعب في مواجهة أي محاولات لفرض حلول لا تخدم القضية الفلسطينية.
يرى الخبير الدستوري الدكتور ليث نصراوين أن هذا المشروع يحمل دلالة دستورية قوية، إذ يجسد الإرادة الشعبية الأردنية من خلال ممثليها في البرلمان، وأشار إلى أن الدستور الأردني ينص على أن الأمة هي مصدر السلطات، مما يعني أن إقرار هذا القانون سيضع موقف الأردن الرسمي ضمن إطار قانوني مُلزم.
وأضاف أن الملك عبد الله الثاني عبّر بوضوح عن رفضه لأي مقترحات أمريكية تتعلق بإعادة توطين سكان غزة في الأردن أو مصر، مؤكداً أن إصدار قانون بهذا الخصوص سيعزز هذا الموقف على المستوى الدولي، ويُرسّخ سيادة الأردن على قراره السياسي.
بحسب النظام الداخلي لمجلس النواب، فإن اللجنة القانونية ستقوم بدراسة المشروع وتقديم تقريرها خلال 15 يوماً، ليتم بعد ذلك رفعه إلى رئيس الوزراء، الذي يملك مهلة 30 يوماً للرد، وفي حال مرور 45 يوماً دون اعتراض، يتم طرحه للتصويت في البرلمان، قبل إحالته إلى مجلس الأعيان، ومن ثم المصادقة عليه من قبل الملك.
تؤكد المذكرة البرلمانية أن إقرار هذا القانون سيمثل موقفاً حاسماً ضد أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، باعتبار ذلك انتهاكاً للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وتشير المذكرة إلى أن القانون المزمع إقراره يبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن الأردن يرفض أي إجراءات تؤثر على نسيجه الاجتماعي أو تمس وحدته الوطنية، وأن أي محاولات لفرض واقع جديد لن تجد لها صدى في المملكة.
بالتوازي مع التحركات البرلمانية، شهدت المدن الأردنية تظاهرات حاشدة احتجاجاً على تصريحات ترامب بشأن مستقبل غزة، حيث عبّر المتظاهرون عن رفضهم التام لأي مخططات تهدف إلى نقل الفلسطينيين إلى دول الجوار.