شهد ريال مدريد هذا الموسم تراجعًا مُهينًا، خاصة في المواجهات الحاسمة، مُثيرًا تساؤلات مُلحة حول أسباب هذا الانحدار المُفاجئ، فالفريق الذي طالما اعتُبر رمزًا للقوة والانتصارات، بات يُعاني مرارة الهزائم أمام الكبار، مُتلقيًا ضربات موجعة.
كان آخرها السقوط المدوي بخماسية أمام الغريم التقليدي برشلونة في نهائي كأس السوبر الإسباني في السعودية، هذا التدهور الخطير يُلقي بظلالٍ من الشك على مستقبل الفريق وقدرته على المُنافسة على الألقاب، بعد أن كان يُهيمن على عرش كرة القدم، فهل انتهى عهد الملوك؟، هذا ما تُجيب عنه الأيام القادمة.
يُعتبر كارلو أنشيلوتي، المدير الفني للفريق، جزءًا لا يتجزأ من هذه المُعضلة، فمسؤوليته لا يُمكن تجاهلها، خاصة فيما يتعلق باختيارات التشكيلة الأساسية والنهج التكتيكي المُتبع في بعض المُباريات، فالتحول من الرسم التكتيكي 4-3-3، الذي كان سر تألق الفريق في الموسم الماضي، إلى 4-4-2 لم يُثمر عن النتائج المرجوة هذا الموسم.
كما أن إصرار أنشيلوتي على توظيف بعض اللاعبين في غير مراكزهم الأصلية، مثل تشواميني في قلب الدفاع وفاسكيز في مركز الظهير الأيمن، أثّر سلبًا على الأداء الجماعي للفريق، وكشف عن ثغرات دفاعية قاتلة، بالإضافة إلى ذلك، ظهرت عيوب واضحة في خطة وسط الملعب، حيث غاب بيلينجهام عن المساندة الدفاعية المطلوبة، مما أضعف خط الوسط وجعله لقمة سائغة للخصوم، هذه القرارات التكتيكية أثارت عاصفة من الانتقادات من المُحللين والجماهير على حدٍ سواء.
ومع ذلك، فإن تحميل أنشيلوتي المسؤولية كاملةً يُعتبر ظلمًا كبيرًا، فالمدرب يواجه نقصًا حادًا في بعض المراكز الحيوية، خاصة في خط الدفاع، الذي يُعاني من إصابات مُتلاحقة، فبعد إصابة ميليتاو وعدم تعافي ألابا بشكل كامل، بات خط الدفاع هشًا وقابلًا للاختراق بسهولة.
كما أن الفريق يفتقد إلى لاعب وسط دفاعي قوي قادر على تعويض رحيل كاسيميرو واعتزال توني كروس، اللذين كانا يُشكلان صمام أمان للفريق، هذه الغيابات المؤثرة أثّرت بشكل كبير على توازن الفريق وقوته الدفاعية، وأظهرت الفريق بصورة مُهزوزة.
تُعتبر الأزمة الدفاعية هي السبب الجوهري وراء تراجع ريال مدريد هذا الموسم، فقد استقبل الفريق أهدافًا غزيرة في المُباريات الكبيرة، سواء أمام برشلونة أو ميلان أو ليفربول، مُظهرًا ضعفًا دفاعيًا واضحًا، ويعود ذلك لعدة عوامل مُتداخلة، منها غياب الانسجام والتناغم بين قلبي الدفاع.
حيث أجبرت إصابة ميليتاو أنشيلوتي على الاعتماد على ثنائية دفاعية لم تُثبت فعاليتها، وهما روديغر وتشواميني، اللذين لم يُظهرا تجانسًا كافيًا، كما أن الأداء الفردي لبعض اللاعبين كان دون المستوى المطلوب، فميندي مثلًا لم يُقدم الأداء المنتظر في مركز الظهير الأيسر، وارتكب أخطاءً فادحة كلّفت الفريق أهدافًا.
وكذلك الحال بالنسبة لفاسكيز في الظهير الأيمن، الذي لم يستطع سد الثغرات الدفاعية، بالإضافة إلى ذلك، يُعاني الفريق من ضعف واضح في الضغط على الخصم، مما يُتيح للفرق المُنافسة بناء الهجمات بسهولة، والوصول إلى مرمى ريال مدريد بأقل مجهود.
لإعادة ريال مدريد إلى المسار الصحيح واستعادة هيبته المفقودة، يجب على إدارة النادي اتخاذ إجراءات فورية وجادة، من بينها تدعيم الفريق بصفقات قوية خلال فترة الانتقالات الشتوية، خاصة في مراكز قلب الدفاع والوسط الدفاعي والظهير الأيمن، لسد النقص الواضح في هذه المراكز.
كما يجب على أنشيلوتي مُراجعة حساباته وتغيير خططه التكتيكية، والاعتماد على التشكيلة التي تُناسب إمكانيات اللاعبين المُتاحين، والابتعاد عن المُغامرات غير المحسوبة، بالإضافة إلى ذلك، يجب على الإدارة توفير الدعم الكامل للمدرب ومنحه الصلاحيات اللازمة لاتخاذ القرارات المُناسبة، ومنحه الثقة الكاملة لإعادة الفريق إلى سابق عهده.