في خطوة غير تقليدية نحو تحسين العلاجات الطبية، تبدأ في البرتغال تجربة سريرية مبتكرة تهدف إلى اختبار ما إذا كان بإمكان الأسماك – تحديدًا أجنة سمك الزرد – مساعدة الأطباء في اتخاذ قرارات أفضل في علاج السرطان، والتجربة التي تقودها عالمة الأحياء ريتا فيور من مؤسسة شامباليمود، تعتبر الأولى من نوعها وتستمر لمدة خمس سنوات.
تعتمد الدراسة على فكرة غريبة لكنها مثيرة: زراعة خلايا سرطانية مأخوذة من مرضى في أجنة سمك الزرد الشفافة، وهي خطوة تهدف إلى معرفة ما إذا كانت الأسماك قادرة على التنبؤ بنتائج العلاجات الكيميائية التي يتلقاها المرضى، وقد تم اختبار هذه الطريقة سابقًا على حالات سرطان القولون والمستقيم، حيث أظهرت النتائج نجاحًا كبيرًا في التنبؤ بالعلاجات الفعالة بنسبة 80%.
تتوجه الأنظار الآن إلى إمكانية تطبيق هذه التقنية على أنواع مختلفة من السرطانات، وتقول فيور أن الاختبارات التي تم إجراؤها على أسماك الزرد كانت قادرة على توقع الاستجابة العلاجية لمرضى السرطان بناءً على خصائص أورامهم، وهو ما يمكن أن يكون له تأثير كبير في تخصيص العلاجات، وباستخدام هذه الأسماك، يمكن تحديد الأدوية الأكثر فعالية بسرعة وبدقة أكبر، مما يقلل من احتمال تجربة العلاجات الضارة وغير المثمرة.
من جانب آخر، يشير ليونارد زون، عالم الأحياء المتخصص في الخلايا الجذعية بجامعة هارفارد، إلى أن استخدام الأسماك لا يعد بديلاً فقط عن تجارب الحيوانات الأخرى مثل الفئران، بل قد يقدم أيضًا قيمة تنبؤية فريدة يمكن أن تحسن بشكل كبير من خيارات العلاج المتاحة للأطباء.
ورغم أن أسماك الزرد ليست أول كائن حي يُستخدم في هذا المجال – إذ تم استخدام الفئران وذباب الفاكهة في تجارب سابقة – فإن ما يجعل سمك الزرد فريدًا هو شفافيته، ما يسمح للأطباء بمراقبة التفاعل بين الخلايا السرطانية والعلاج في بيئة طبيعية وواقعية، وهو ما يفتح بابًا جديدًا للبحث في كيفية التعامل مع أورام قد تكون مقاومة للعلاج التقليدي.
وفقًا للتجارب السابقة، تمكّن الباحثون من تحديد العلاجات الأكثر نجاحًا بشكل أسرع من الطرق التقليدية التي تعتمد على التجارب السريرية البطيئة والمكلفة، قد يكون المستقبل الآن في أيدينا، مع سمك الزرد الذي يمكن أن يصبح أداة غير تقليدية ولكن فعّالة في مكافحة السرطان.