يدفع حزب “القوات اللبنانية” باتجاه تشكيل حكومة تعكس المتغيرات السياسية التي يشهدها لبنان، رافضًا إعادة إنتاج حكومات تقليدية لا تتناسب مع التحديات الراهنة.
ويبرز في هذا السياق مطلبه بعدم منح وزارة المالية لـ”الثنائي الشيعي” المتمثل بـ”حزب الله” وحركة “أمل”، إضافة إلى سعيه للحصول على تمثيل وزاري يعكس حجمه النيابي، مع ضمانات واضحة بشأن البيان الوزاري.
وتشير مصادر قيادية في “القوات اللبنانية” إلى أن المرحلة الحالية تتطلب حكومة تتجاوز الإطار التقليدي، سواء في تشكيلتها أو في رؤيتها السياسية والاقتصادية.
وتؤكد المصادر أن المفاوضات الجارية مع رئيس الحكومة المكلف لا تقتصر على توزيع الحقائب الوزارية، بل تمتد إلى تحديد الخطوط العريضة لأداء الحكومة، ولا سيما في شقين رئيسيين: الأول يرتبط بالسيادة الوطنية، بحيث تكون السلطة الحصرية للدولة على كامل الأراضي اللبنانية، أما الثاني، فيتعلق بالإصلاحات المالية والاقتصادية التي تعد ضرورية لإخراج لبنان من أزمته العميقة.
في هذا السياق، ترى النائبة غادة أيوب، عضو تكتل “الجمهورية القوية”، أن المشاركة في الحكومة يجب أن تكون مشروطة بتقديم ضمانات حقيقية من جميع الأطراف، خصوصًا الجهات المنضوية ضمن “محور الممانعة”، وتتساءل:
“هل طُلب من الوزراء المحسوبين على هذا المحور تقديم تعهدات واضحة بشأن التزامهم بتنفيذ القرارات الدولية والدستور اللبناني، خصوصًا فيما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة؟”
مشيرة إلى أن “حزب الله” لم يقدم حتى الآن أي موقف واضح بشأن تطبيق القرار الدولي 1701 في شمال الليطاني وجنوبه.
وتعتبر أيوب أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتكليف رئيس جديد للحكومة يشكلان فرصة لوضع حدٍّ للوصاية الخارجية على القرار اللبناني، مؤكدة أن الحكومة المقبلة يجب أن تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية اللازمة، وأن تحظى بدعم القوى السيادية لضمان فعاليتها.
ولطالما شكلت البيانات الوزارية السابقة مادة خلافية، خاصة مع إصرار “حزب الله” على تضمينها عبارات تشرّع وجود سلاحه تحت مسمى “المقاومة”، إلا أن الاتجاه الحالي يبدو مغايرًا، حيث يواجه هذا الطرح معارضة قوية من عدة جهات تطالب بأن يكون البيان الوزاري محصورًا بتأكيد دور الدولة في حماية سيادة لبنان.
وفي هذا الإطار، يوضح الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية، أن الدستور اللبناني لا يتضمن نصوصًا تفصيلية حول آلية صياغة البيان الوزاري، لكنه يشترط على الحكومة التقدم ببيانها إلى مجلس النواب خلال 30 يومًا من تشكيلها لنيل الثقة، ويرى مرقص أن الاتفاق المسبق على الخطوط العريضة للبيان الوزاري قبل تشكيل الحكومة أمر غير مألوف، إذ يفترض أن يتولى الوزراء المعينون صياغته وعرضه على الحكومة للموافقة عليه قبل عرضه أمام البرلمان.